فصل: ذِكْرُ نَوْعٍ ثَالِثٍ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.جِمَاعُ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَة:

.ذِكْرُ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ:

ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ، وَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتِ غُرُوبِهَا، وَقَبْلَ الزَّوَالِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
1832- حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ الْأَعْيَنُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْخَبَائِرِيِّ، وَضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، وَأَبِي طَلْحَةَ نُعَيْمِ بْنِ زِيَادٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ صَاحِبِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَهِيَ سَاعَةُ صَلَاةِ الْكُفَّارِ، فَدَعِ الصَّلَاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ، وَيَذْهَبَ شُعَاعُهَا، ثُمَّ الصَّلَاةُ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَعْتَدِلَ الشَّمْسُ اعْتِدَالَ الرُّمْحِ بِنِصْفِ النَّهَارِ، فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَتُسْجَرُ، فَدَعِ الصَّلَاةَ، حَتَّى يَفِيءَ الْفَيْءُ، ثُمَّ الصَّلَاةُ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغِيبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَهِيَ سَاعَةُ صَلَاةِ الْكُفَّارِ».
1833- حَدَّثَنَا عَلَّانُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ الحَكَمِ، كَتَبَ إِلَيْهِ يَذْكُرُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: نَهَانَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ، حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ الْخُرُوجُ عَنْ عُمُومِهَا إِلَّا بِسُنَّةٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ، وَلَا نَعْلَمُ مَنْ خَرَجَ عَنْ عُمُومِهَا، وَأَبَاحَ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حُجَّةً مِنْ حَيْثُ ذَكَرْنَا، مَعَ أَنَّ إِبَاحَةَ مَنْ أَبَاحَ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَخَطَفَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ كَالتَّحَكُّمِ مِنْ فَاعِلِهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانَ يَضْرِبُ عَلَيْهِ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: كُنَّا نُنْهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ يَتَّقُونَ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
1834- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ عَلَى الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ. قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: إِنَّ جَهَنَّمَ تُسَعَّرُ نِصْفَ النَّهَارِ.
1835- وَحَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَنِصْفَ النَّهَارِ.
1836- وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّاسَ، وَهُمْ يَتَّقُونَ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الشِّتَاءِ، وَالصَّيْفِ. وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ نِصْفَ النَّهَارِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَطَاؤُسٌ، وَقَالَ مَالِكٌ: أَدْرَكْنَا النَّاسَ يُصَلُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ نِصْفَ النَّهَارِ وَقَبْلَهُ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيٌ عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَنَا لَا أَنْهَى عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِلَّذِي أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَيْهِ، وَلَسْتُ أُحِبُّهَا؛ لِلَّذِي بَلَغَنِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْجُمُعَةُ وَغَيْرُ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَيَّامِ سَوَاءٌ. وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، وَابْنُ جَابِرٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.
1837- أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُصَلُّونَ، حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ، فَإِذَا خَرَجَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، حَتَّى إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ عُمَرُ سَكَتُوا، فَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ عَطَاءٌ: وَهُوَ إِبَاحَةُ ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْهُ فِي الصَّيْفِ.
وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: قَالَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَكْرَهُ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ فِي الشِّتَاءِ، وَالصَّيْفِ إِذَا عَلِمْتُ بِانْتِصَافِ النَّهَارِ، وَإِذَا كُنْتُ فِي مَوْضِعٍ لَا أَعْلَمُ، وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ، فَإِنِّي أَرَاهُ وَاسِعًا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ نَهْيًا عَامًّا يَدْخُلُ فِيهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَسَائِرُ الْأَيَّامِ.

.ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَنْ يَتَطَوَّعَ الرَّجُلُ بِرَكْعَتَيْنِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْجُلُوسِ، حَتَّى يُصَلِّيَهُمَا:

1838- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ».
1839- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ أَبِي سُلَيْمَانَ، سَمِعَ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي خَبَرِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَخْبَارِ أَنَسٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِرَكْعَتَيْنِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ أَمْرُ نَدْبٍ لَا إِيجَابٍ، إِذْ لَا فَرْضَ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا الْخَمْسَ.

.ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَنْ يُتَطَوَّعَ بِرَكْعَتَيْنِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ:

1840- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: «أَرَكَعْتَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ سُؤَالِ الْإِمَامِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ رَكْعَتَيْنِ لِيَأْمُرَ بِأَنْ يُصَلِّيَهُمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ صَلَّاهُمَا.

.ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّجَوُّزِ فِيهِمَا:

1841- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: سُلَيْكٌ مِنْ غَطَفَانَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ يَا سُلَيْكُ، فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ».

.ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ مَنْ يَدْخُلُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، وَيَجْلِسُ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَفَعَلَ ذَلِكَ مَكْحُولٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَالْمُقْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالْحُمَيْدِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَنَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ طَائِفَةٌ: يَجْلِسُ، وَلَا يُصَلِّي، هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَشُرَيْحٍ، وَقَتَادَةَ، وَالنَّخْعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالنُّعْمَانِ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ أَبُو مِجْلَزٍ، قَالَ: إِنْ شِئْتَ رَكَعْتَ، وَإِنْ شِئْتَ جَلَسْتَ.
وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: كَانَ مِنْ هَدْيِ النَّاسِ أَنْ يَرْكَعَ الرَّجُلُ فِي مَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ خُرُوجِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَمَتَى رَكَعَهُمَا، ثُمَّ جَاءَ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدَ الْإِمَامَ يَخْطُبُ قَعَدَ، وَلَمْ يَرْكَعْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكَعَ قَبْلَ خُرُوجِهِ، فَلَا يَجْلِسْ حِينَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، حَتَّى يَرْكَعَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصَلِّي إِذَا دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ لَمْ يُصَلِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ الدَّاخِلَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَمَرَهُ عَلَى الْعُمُومِ، وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ، وَلَا يَقُولَنَّ قَائِلٌ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَّ بِهِمَا سُلَيْكًا.
1842- لَأَنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا». ثُمَّ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» حَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ وَمِمَّا يَزِيدُ ذَلِكَ ثَبَاتًا فِعْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ذَلِكَ، وَهُوَ الرَّاوِي بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، دَخَلَ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ، فَقَامَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ، فَجَاءَ إِلَيْهِ الْأَحْرَاسُ لِيُجْلِسُوهُ، فَأَبَى حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: مَا كُنْتُ أَدَعُهُمَا لِشَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ مِنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذِكْرُ الْحَدِيثَ.
1843- حَدَّثَنَاهُ حَاتِمٌ قَالَ: ثنا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ أَنَّهُ سَمِعَ عِيَاضَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِهِ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ عَلَّمَ سُلَيْكًا أَبْيَنُ الْبَيَانِ بِأَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ لِلنَّاسِ.

.ذِكْرُ الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ:

ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ الَّذِي دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَهُوَ يَخْطُبُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَلَيْسَ فِي الْبَابِ شَيْءٌ يَثْبُتُ غَيْرَ الَّذِي ذَكَرْتُ، وَقَدْ رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُمَا مَعَ عِلَلِهِمَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ اثْنَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
1844- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ حَجْلٍ الْعَيْشِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ، فَلَا يُصَلِّي شَيْئًا، حَتَّى يَنْصَرِفَ.
1845- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ.
1846- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: يَأْمُرُنَا أَنْ نُصَلِّيَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا.

.ذِكْرُ عَدَدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، وَدَلَّ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَى ذَلِكَ.
1847- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زِيَادَةَ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: صَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى.

.ذِكْرُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ:

1848- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، وَكَانَ كَاتِبَ عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ يَسْتَخْلِفُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَاسْتَخْلَفَهُ مَرَّةً، فَصَلَّى الْجُمُعَةَ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ: وَإِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مَشَيْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ، قَرَأَهُمَا عَلِيٌّ؟، قَالَ: قَرَأَهُمَا حِبِّي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.ذِكْرُ نَوْعٍ ثَانٍ مِمَّا يُقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ:

1849- أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ: سَأَلَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، وَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى أَثَرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ بـ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1].

.ذِكْرُ نَوْعٍ ثَالِثٍ:

1850- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ مَعْبَدَ بْنَ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عُقْبَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} الْآيَةَ، وَ{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}.
وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: الَّذِي جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} الْآيَةَ، يَعْنِي مَعَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ يَقُولَانِ بِحَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُكْرَهُ أَنْ يُوَقِّتَ فِي ذَلِكَ وَقْتًا، مَا قَرَأَ فِي الْجُمُعَةِ فَحَسَنٌ.